26 Aug
26Aug

هاهو الشتاء يعود من جديد ... و هاهي الأمطار تعود منهمرتا لتروي نفوسنا بإحساس الإجتياح و الحاجة لذلك الحظن الغائب ...

و هاهم العشاق يتهافتون إلى المقاهي بحثا عن جو حميمي يزيد من مشاعر الحب داخلهم ... يشربون القهوة الساخنة و يتسامرون بكلام الحب المعسول الذي يقدم جانبا مع القهوة ...

أما أنا لازلت أجلس في ذلك المكان الذي إلتقينا عنده أول مرة ... أنتظر قدومك بين حشود الماره المسرعين أحاول أن اهدأ قلبي المضطرب الذي سئم الإنتظار لأني موقنة في نفسي أنك لن تأتي أبدا ...

نعم و للأسف هذه هي الحقيقة ... فالغائب سيعود يوما مهما طال الإنتظار و الحزين ستشرق شمس الأمل من جديد على شباكه ... أما أنا لا زلت و سأبقى أنتظر ذلك اليوم حين لقاك  و لذلك الوقت سأبقى أبحر في بحر الذكريات أتسامر أنا و تلك اللحظات التي قضيناها سويا ...

كانت أول ليلة باردة و كان أول مطر من تلك السنة التي لم أتوقع أن حياتي ستتغير فيها إلى الأبد ...

كان البرد شديد و قطرات المطر تملئ كل ثيابي كنت أسرير لوحدي بصحبة الخوف فقد كان الظلام حالكا تكسره أشعة ضوء خفيفة تنبعت من عمود الإناره العمومي الوحيد المتواجد في ذلك الشارع الذي يخلو من الماره بسبب حالة الطقس إلى بعض السيارات التي تمر مسرعتا هرعه لبيوتها بحثا عن الدفء الأسري الذي يعيد لنفوسهم الحياة ... إلا أن توقفت فجأة إحدى السيارات أمامي في البداية ظننت أن أحدهم سينزل منها فرجعت خطوتين إلى الوراء لكن صاحبها لم يحرك ساكنا تقدمت خطواتي هربا من الموقف و إحساس الخوف الذي تملكني و جعل كل سيناريوهات أفلام الخطف تغزو خاطري إلا فاجئني ذلك الصوت الرجولي ذو النبره الهادئة 

التفت لألمح شباك السيارة نزل قليلا لكني لم أستطع أن أرى الشخص الذي يجلس داخل السيارة لشدة الظلام و الخوف الذي سيطر علي أردف هو قائلا مرة أخرى و بنبره عاليه قليلا لكي أسمعه 

" إصعدي آنستي ... "

في تلك اللحظة مشاعري كانت مزيجا من الخوف و الغضب من ذلك الشخص و لهجة الأمر التي كان يخاطبني إياها حتى أنه تبادر إلى ذهني أن ذلك الرجل من صنف الرجال الذين سلعة خلقت للمتعة رجل متقدم في السن ذا مال تعود أن يأخذ أي فتاة تقبع على قارعة الطريق ليثبت لنفسه أنه لازال مفعم الشباب ...

فما كان مني سوى أن أحتضن معطفي بقوة و أمضي مسرعتا بعيدا عنه أدعو في سري أن يحميني الله و تمر سيارة أجرى تقلني إلى بيتي حيث بر الأمان ...

عيناي كانتا مليئة بالدموع من الخوف إلا أن غزارة المطر كانت أكبر  " فما أحسن من أن نبكي تحت المطر لكي لا يلاحظ أحدا دموعنا ..." 

إلتفت لأجد تلك السيارة لازالت تتبعني و كلما تقدمت خطوه زادت دقات قلبي خطوات ... كم كانت فرحتي عامره حين حين لمحت مقهى صغير عند الزاويه فرحت نحوه مسرعتا بالدخول علني أهرب من هذا الجو المخيف و أهدا من إضرابي ...

دخلت حاملتا معي برد الخارج القارص لأفاجئ بجو دافئ داخل المقهى يذكرني بالبيت أحسست للوهلة الأولى أني قد وصلت إلى بر الأمان و تخلصت من ذلك الكابوس المرعب الذي عشته قبل قليل إلا أن قاطع خلوتي صوت النادل و هو يقول :

" آنسه ماذا تطلبين ... " 

كنت على وشك أن أجيبه إلى أن لفحتني نسمة من الهواء البارد إصطحبها معه أحد الداخلين إلى المقهى جلس في الطاولة المقابله لي و راح يرمقني بنظرات غريبة جعلت إحساس الخوف يتسلل إلى قلبي من جديد فسرعانها صرفت إنتباهي به لأطلب من النادل أن يحظر لي كأس من القهوه الساخنة إنصرف النادل ليتركي استشعر دفئ المكان أراقب قطرات المطر و هي ترقص على زجاج النافذه ...

إلى أن سمعت صوتا يقول للنادل " أحظر لي فنجان من القهوه " إلتفت بسرعة إلى مصدر الصوت الذي بدى مألوفا لمسمعي و إذا بها تنبع من ذلك الرجل الذي يجلس مقابلي و بعد مراجعة الصوت في نفسي تأكدت أنه نفس الشخص صاحب السيارة ...


يتبع ...

آرائكم ؟


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة